لم يعد خطاب الأمين العام لـ للحزب، مجرد تصريح عابر، بل تحوّل إلى تفاسير تُقلق الداخل اللبناني. فـاتفاق وقف إطلاق النار الذي يفترض أن يمنع إطلاق القذائف باتجاه جنوب لبنان ويُبعد خطر الاستهداف عن المستوطنات الشمالية الإسرائيلية، حمل في طياته رسالتين متناقضتين أثارتا عاصفة من التساؤلات.
من جهة، طمأن قاسم إسرائيل بأن سحب قواته من جنوب لبنان سيليه التزام بالاتفاق ووقف إطلاق النار من المستوطنات الشمالية، في إشارة إلى أن إسرائيل باتت بمنأى عن أي تهديد وشيك.
ومن جهة أخرى، أتت رسالته بمثابة تهديد مبطّن للداخل اللبناني، حيث فتح المجال مجدداً لمناقشة سلاح الحزب وشرعيته، حتى في حال انتفاء أي مبرر لوجوده شمالي البلاد.
يُثير هذا التناقض تساؤلاً جوهرياً إذا كان القتال ضد إسرائيل هو مبرر السلاح، فلماذا لا يزال السلاح قائماً وموجوداً حتى في حال الهدوء؟ ولماذا يصرّ الحزب على الاحتفاظ بـ منظومة عسكرية موازية للجيش الشرعي وتخترق عمق الدولة، بينما يُفترض أن تكون مهمة حماية الحدود والدفاع عن الوطن هي مسؤولية الدولة وحدها؟
يُمكن قراءة هذه التصريحات بأنها رسالة مزدوجة مُحكمة؛ هدفها طمأنة الخارج وتقوية النفوذ الداخلي. ما يضعه الحزب مجدداً في موقع المتهم بمحاولة رسم حدود السيادة اللبنانية وفق أجندته الخاصة، وخارج منطق القانون والدولة.
فإذا كان الحزب فعلاً حامي لبنان، فإن الحماية يجب أن تبدأ تحت سقف الدولة، وبالاحتكام إلى مؤسساتها. فالاستمرار في خطابه بضمان أمن إسرائيل وفي الوقت ذاته إقلاق اللبنانيين، ما هو إلا مقاومة تُقلب على فكرة الوطن نفسه.